قيمة التجارب
المكان : محافظة الإسكندرية
الزمان : الصبا الباكر من عمري ” قول 17 سنة كده “
الجو العام : شعور بالظلم والقهر يملؤني وأنا أقف أمام ” مسئولي الحبيب “ أجادله وأناقشه وأقدم البراهين والأدلة بين يديه حتى استميله نحو وجهة نظري التي لم يؤخذ بها في نهاية لقاء طويل لإقرار برنامج النشاط الصيفي لطلاب المرحلة الابتدائية والإعدادية ” أشبال الدعوة يعني “
الطرف الآخر : كان الرجل يسمعني بإنصات و صبر علي ” لماضتي ” و”عنادى” الشديدين وتمسكي بوجه نظري ..
انتهيت من عرض وجهة نظري ..
واستخدمت بها كافة مصطلحات الإرهاب الفكري
والسخرية الشديدة من الآراء المخالفة
فقد كانت قناعتي بفكرتي بالغة
لدرجة حملتني أن “أقلل” من وجاهة كل الأفكار الأخرى
بعد عاصفتي : مسئولي الحبيب يحدثني .. ” أفرغت يا أبا حميد ؟ ”
.قالها فقفزت إلي ذاكرتي كلمات حضرة النبي الأعظم محمد صلي الله عليه وسلم في قصة عتبه بن ربيعة عندما أراد أن يضع حداً لنجاح الدعوة بعد إسلام حمزة بن عبدالمطلب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وأخذ يعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم الملك والمال وغيرهما فما كان من الرسول إلا أن قال الكلمة المشهورة: أو قد فرغت يا أبا الوليد ؟ فكان عتبة مستمعاً بكل حواسه لدرجة أنه رجع إلى أصحابه بغير الوجه الذي ذهب به.
وبالفعل .. هدأت نفسي وسكنت قليلاً لأستمع لأخي فأخذ يلقي علي مسامعي بـ ” قصص وحكايات ” من ” تجاربه “ في مجال العمل مع الأشبال وكلما قص علي الرجل تجربة شعرت بتضاؤل شديد في نفسي . .
ومازال الرجل يعدد وأنا أتضاءل حتى تلاشت نفسي من أمامي ..
حينها فقط أدركت الوهم الذي تسترت خلفه .. وأنا أعرض وجهة نظري ..
إنه وهم المعرفة المجردة والتنظير العقلي البحت ..
لم أكن أدرك حينها أن هناك طرفاً آخر في معادلة الحياة ” اللي بجد “ مش حياة الورقة والقلم .. اسمه التجربة ..
……………………………….
المكان : محافظة القاهرة
الزمان : أول أمبارح
الحدث : جالس أطالع الجديد علي مدونات مختلفة وقراءة التعليقات الساخنة علي التدوينات .
الآن اكتملت في ذهني فكرة هذه التدوينة ..
لماذا ؟
لأنني وجدت في تعليقات “فضلاً عن بعض كتابات” كثير من الأصدقاء ما ذكرني بقصتي القديمة .. حين لم يكن لي من التجارب ما يساعدني علي فهم بعض الأمور .. وكان الجانب النظري البحت هو سندي وعضدي في المناقشة والحوار .. فكنت كمن أمسك بكتاب في ميكانيكا السيارات ووقف أمام كتلة حديد مكومة لسيارة خرجت لتوها من حادث وقد توهم أنه بالأوراق التي في يديه يمكن أن يعيد إليها حالتها التي بادت !!
تغيرت قناعاتي كثيراً علي مدي سنين عمري وكان كل تحول مرهون بتجربة قد اجتزتها ، وللحقيقة لم أختر لنفسي في كثير من الأحيان التجارب التي أمر بها .. بل كم انتهيت إلي قناعات جديدة لم أكن اتصور أن أصل إليها من تجارب معينة ..
واليوم صرت أبحث لنفسي كل يوم عن معترك من معتركات الحياة ألقي بنفسي به أملا في أن يلقي بي علي شاطئ جديد آمن .. ينتشلني من أمواج الأفكار المجردة ..صرت كل يوم أبحث عن تجربة جديدة لتنتهي بعدها حالات صراع الأفكار اليابسة .. وبالطبع كم من التجارب أثبتت صدق قناعاتي السابقة .
صديقي ..أفكارك وكتاباتك وتعليقاتك كلها رائعة ..
وتزداد روعتها كلما صقلتها التجارب ..
فاقبل مخالفتي لك في الرأي علني قد مررت من علي جسد تجربة أوصلتني ما أقول ..
__________________________
الصوره :
أردت أن أقول أن التجارب في الحياة تجعلنا نجتاز الحواجز التي تمنعنا من إدراك منطلقات الآخرين حين يتحدثون
وتبقي كلماتنا أبداً .. وجهات نظر